جيل تخرج على يدك .. !

بسم الله الرحمن الرحيم

كتابة: طه بن عبد القيوم السندي

هل جربت أن تدخل محاضرة ليست بمحاضرتك .. ! بل ما رأيك .. إن لم تكن في خطتك الأكاديمية أصلاً .. ! لعلني أمتلك جزءاً من جنون العلم, والهوس بالتثقف – كما وصفني أحدهم - !!

كالعادة أجلس مع شباب الكلية, فأسمع آهات من ظلم الدكاترة وسوء تعاملهم, وضعف شرحهم .. !

في إحدى المرات أخذني الجنون إلى حضور ومشاهدة إحدى تلك المآسي .. قررت خوض ذلك بعد أن أعجبني اسم ذلك المقرر.. قلت لعله سيفيدني في تخصصي أحياء ..

دخلت المحاضرة على آخر نصف ساعة[1] مع اثنين آخرين , فإذا بالدكتور يكلمنا ويسأل عن سبب التأخير ويقول : " خلاص خلصنا " , لم أنظر إليه إلى أن هبطت بسلام على مطار الكرسي ولله الحمد !

تخيلوا .. كانت المحاضرة مراجعة لأسئلة القوانين الماضية, والدكتور يختار الأشخاص المتأخرين ليجاوبوا .. ^_^ .. و  أنا منهم ..

وبعد أن اختار الثاني, أشار إليّ لأخرج وأحل المسألة على السبورة , طبعا هنا وضعت نفسي على وضع " صامت ومو شايف شيء " .. فلقد حاولت تجاهله .. إلى أن نقزني الدكتور واختار آخر .. لكني ما زلت غير مصدق لما حدث ..  وتذكرت { وإذ نجيناكم ... } .. !
الدكتور كبير السن, ولذلك كان سمحاً .

كنت قد أحضرت معي دفتري .. وكنت أكتب ما أشاهده في القاعة, وسبب ذلك - هو ما كتبته أيضاً في الدفتر -

" والله إني لأضع القلم على الدفتر وأكتب هذه العبارات حتى يظن الدكتور أني أكتب معه ويتجاوزني! " 

آهةُ هذه المجازفة,, ذلك أن الصديق أخبرني بأن الدكتور لا يرفع صوته ولا نفهم منه.. ولا يلتفت لأسئلة الطلاب .. !

قلت له : وماذا ستفعل في الاختبار ؟!!

قال : إليك ما أخبرني به زملائي .. اكتب مقالات وعناوين الصحف .. اكتب ما تريد .. تحدث بأي شيء ولو مجرد كلمات غير مرتبة ولا مفهومة .. وفي الأخير يَنجح الشباب .. ويُضحي [ بكم راس ] .. !

 لم أكتب القصة لمجرد التسلية, بل لنستقي منها العبر, فلربما قد يُوضع أحدكم مكان هذا الدكتور, وسيكون مسؤولاً عن جيل, جيلٌ سيقول بأنه " تخرج على يدك ", فأوصل الأمانة وأحسن بارك الله فيك.

دورنا كطلبة أن نختار التخصص العميق بدقة, وأن نتميز فيه ونقرأ ونركز عليه, حتى إن اختارنا الله عز وجل أن نقف على عتبة التدريس, سنفتخر حينها بأنه " جيل تخرج على يدي " .. !

---

[1] على آخر نصف ساعة كما أراد زميلي, حيث أخبرني بأن الدكتور لن يقول شيئاً .